الرسالة الثالثة ..
( رسائل العشق الممنوعة من الصرف )
في محراب إله العشق، نكتب ترتيلة البوح من مهد الروح ، مع جلجلة صهيل القلب ووقع حوافر اليراع على صفحة العمر المترامي خلف سحاب الأمنيات المغلفة بظرف بريدي، يقودها ساعيها إلى مجالس العشاق بعد أن أضاعوا عناوينهم ومزقوا آخر ورقة من اللقاء.
فهذا زمن الرسائل الجاهزة ، المقولبة ، كي يعلموك لغة الكلام ؛ فما عليك سوى أن تختار وجهتك وتوضب حقائب رحيلك إلى عوالمك التي تشتهيها، حينها ستبكي كثيراً وتتألم طويلاً وتنتظر على قارعة رصيف الوقت غريباً ينبئك بلقاء حبيب منتظر، صمت وذهول مطبق قد أحاط وجهة رؤياك بلا مسار وأنت غارق بهذيان ثمالتك، لترتعد مفاصل غفوتك بعد رعشة تراتيلك .
لقاء يعقبه الرحيل! فأنت وحيد هذه اللحظة ترتشف كأس انتظارك ، هي جرعة من التخمة المشبعة بالجوع ، تنتظر الوهج الآتي من الشرق ، فهل تصدق بأنك صلة الوصل بينك وبين الرب !؟؟ هذيان روحك ليلة أمس ونشوة قلبك ليلة غد ؛ تلك نبوءات السماء عند صلاة قداسة روحك ، فهل علمت يا رفيق النور لأي صلاة أسجد الهنيهة ؟ ولتكن على يقين الرؤى أنني لست وحيدة بحضورك الميمون ، ولست ممن يهوون جحيم فراقك ، وتذكر .. في اللحظة التي ترتشف فيها كأس نبيذك ورشفة فنجان قهوتك ؛ سأكون الوحيدة بظل هدبك المسجون بين حنيني ولهفتي للقياك ، ولتغفو بهدأة ليلي على الجهة اليمنى واترك الجهة اليسرى لي ، ودع نبض قلبك يغافل أحضاني بوله الحنين ، ووميض بوح هواك يجثوعلى جسدي المترامي خلف سحاب طلة شمسك وترتيلة صبحك ومسائك .
هي همهمة أوردة الحلم على جناح ضلع القلب، تربك الوجد لأحمل بعضي وبعضي يحملني إليك من مخاض رحم الخيال، فلست ممن يتمسكون بالوهم ، لكنني أتعلق بسلالم الحلم لأصل إلى سرمد الحقيقة المبصرة للروح ، وأتأمل ذاتي بكل تفاصيل جنونها وعقلانيتها وأكتب للعشاق والدراويش والمساكين عن زمن الحب الأفلاطوني ، وعن آلهة الهوى برونق سماء باتت تشبهك قبل جلدها بسياط الشمس ليتلقفك صمت بلا شهيق ولا زفير ولا عويل ، لترمي بذاكرتك فيسيل منها الأرق .
محنط هو مسرح ضجيج خلوتك كسنديانة عتيقة .. عميقة الجذور ، هي عورة وجعك و لعنة اشتعال العدم اللامتناهي ، فهل لك أن تعانق أوتاري كلحن فيروزي مد من وتره دعاء مسافة للوصل ؟ كلما امتدت مساكب القمح وأصابع المطر تتسربل عنوة بأجفاني لتتلون خدود الشمس من كنارية قصائدك وتشع نوراً كصباح طلتك !
فتلك هي .. هي تعويذة الإبحار يا صديقي تتنشق منها خمائل الوله ، فلك أن تستريح من رحلة المد والجذر كشاطىء غضب من هيجان موج محيطه ، وتنفض عنك رمال شطآنك قبل أن تأوي إلى غرفة عزائك العشقي وتتحرر من قيد معصمك ، لأعيد ترتيب قربي إليك ، وأقيم مراسم خلوتي بين مسامات روحك الغضة .
الآن أصبحت على يقين بأن معركة العشق لا يوجد فيها قاتل ولا مقتول ، لا خاسر ولا رابح ؛ هي نتاج عواصف هاجت بالروح لتبرئ القلب من ضجيج خلوته وتعبر العقل عبر طريق الذكريات الملطخة بنزق وحي الأحداث .
بقلمي/ ثراء الجدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق