مَن قتل عشاق جسر سراييفو؟
ذات مساء، كتب لها: "بدونك، لا أجد النوم".
فأجابت: لا شيء يمكن أن يفرق بيننا. خلاف رصاصة.
الآن يمشيان ، ملتصقين ضد بعضهما البعض، نحو الحاجز الصربي الأول، على الجانب الآخر من نهر ميلجاكا الذي يقسم سراييفو إلى قسمين. وخلفهم، يتركون المدينة محاصرة.
يحمل في يده حقيبة كبيرة و هي حقيبة على ظهرها... يمشيان بخطوة حثيثة...
للوصول إلى هنا، لم يعبرا الحدود المعدنية لجسر فربانا. لقد تجاوزوه في أعقاب متاهة خنادق الحرب، بين مبان سوداء، مع نوافذ وأبواب محطمة.
الآن هما عراة... مكشوفان ويعرفان ذلك.
في ضوء شمس الربيع الباهتة، وتحت النظرة الزجاجية لمناظير القناصة، يتقدمان. ولا شيء يحدث. تظل السماء الخالية من الطيور صامتة وتتصاعد فقاعات نهر ميلجاكا المنتفخة. الأرض مغطاة بأغلفة القذائف الفارغة. ويتقدمون دون مبالاة.
أدركا ارتفاع أقواس جسر فبرانا. مازال عشرين مترا أخرى سيقطعانها... و سيعود الحلم... وعلى الجانب الآخر من أكياس الرمل يفتح الطريق إلى الهروب إلى بلغراد وخارجها... ولماذا لا ! إلى جامعة براغ، والعثور على منزل صغير يفتح على الشوارع الكبيرة حيث يمكن للعشاق التنزه.
حتى اليوم، لا نعرف من أين جاء الانفجار. سقط هو، بوسكو الصربي المسيحي الارتودكسي، أولا، انفصلت ذراعه بشكل غريب، وثقب صدره، وقتل على الفور. وانهارت هي، أدميرا المسلمة البوسنية، وأصيبت بجروح قاتلة. بيد واحدة، شدت ياقة معطفها، كما لو كانت تحمي نفسها من الرصاص. سمعوا نداءها. ثم زحفت إلى بوسكو، وضغطت على جسده، وعانقته. ولم تتحرك...
كانا في الخامسة والعشرين من العمر...
هل سبق لك أن رأيت مثل هذا العناق الطويل!
صورة جثتيهما متشابكة في الصحيفة استغرقت ستة أيام وست ليال لا نهاية لها... وحتى أعوان الأمم المتحدة رفضوا جلبهما...
قالت أمها:
-- إنه أمر مضحك ! في البداية لم أدرك أن حبهما الأول سيكون أبديا. التقا أدميرا وبوسكو ، عندما كانا في السادسة عشرة من العمر ، في حفلة ليلة رأس السنة الجديدة عام 1985. احبا بعضهما... حتى الموت لم تفرقهما... لقد اردت أن يدفنا معا.
وبالطبع دفنا معا.
عبدالفتاح الطياري
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق