الثلاثاء، 6 يونيو 2023

يوميات أناس عاديين٠٠٠٠٠أسيف أسيف

 يوميات أناس عاديين

385

***********

أضاف آدم : في المحكمة رفقة أمي ، قبعتْ هواجسٌ كثيرةٌ بداخلي .. هذا المكان غريب علي وعلى أهلي .. أول مرة أرى ما يشبه قاعة  الدرس  بخمس " أساتذة " : ثلاثة أمامي ، وواحد على اليسار و آخر على اليمين ، كلهم جالسون و لباسهم موحد مع بعض الإختلاف .. أمامهم  أناس جالسون على كراسي خشبية طويلة  من مختلف الأعمار : على اليمين رجال ، و على اليسار نساء وأطفال ،  في الأول  ظننتهم  تلاميذ كبار ، لكن بعد ذلك عرفت أنهم هنا لغرض آخر .. فئة ثالثة واقفة بلباس أسود موحد يتدلى خلف  ظهورهم  ذنب كذيل الثعلب ، وعلى صدرهم خرقة بيضاء . الفئة الرابعة هي التي عرفتها بلباسها الرسمي .. فقد سبق لي أن رأيتهم عدة مرات في الشارع العام ،  وعند تقاطع الطرق ، إنهم الشرطة .

سألت أمي ما هذا المكان ؟؟ أجابت بهمس خافت : محكمة . أحسست أن الجميع " خائف " و لا أحد يتكلم إلا بالهمس و النظرات .

هواجس تُسائل أرشيف أجسادٍ واقفةٍ في قفص الإتهام وقد نُقشتْ أسرارُها على العظام بمداد الزمن العاتي . تجيب عن أسئلة يطرحها عليها الذي يتوسط الثلاثة  الجالسين على أرئك جلدية   فوق  مصطبة . الإجابات عن الأسئلة " تحطم " أماكن قديمة كانت مسرحا لحدث ما و" تعيد " بناءها الآن بمواد لا يمكن أن تقاوم الريح والشمس و المطر  والرعد .

الجوع و الخوف و أشياء أخرى بادية على وجوه من يسمون " متهمين أو جناةً مزعومين  " سمعت مصطلحات لم أسمعها قط من قبيل : كفالة ، اعتقال ، استئناف ، متهم ، تهمة ،  ظنين ، مدعي ، مدعى عليه ، محامٍ ، دليل ، جلسة استماع ، حجز قضائي ، قاضٍ ، جنحة ، جناية ....وغيرها كثير.

حاسِرَ الرأس تقدم  أخي أمام القاضي بعد المناداة عليه بصوت مرتفع ، سأله القاضي عن اسمه واسم أبي و أمي ، كان تائها وشظايا صغيرة من الصوت بالكاد  تنقلت من بين شفتيه .. هل يحتاج لصفحات و صفحات ليبرر ما قام به وما تُوبع من أجله ؟؟؟

سمعته يقول : " لستُ سيئا سيدي القاضي ، رغم أن كل الظروف المحيطة بي كافية لأكون مجرما ... " ثم سكت .

في حالته ، لا يحتاج أن يترجم نفسه ليفهمه القاضي . أكيد أن  كل الحضور في الجلسة أيضا قد استوعب ما قيل وما تم السكوت عليه .. أما أنا ،  فرغم صغر سني فإنني  أعلم أننا لا نسقط سَعداء ، بل نسقط تُعساء ، واليوم سقط أخي الذي كان سندا لنا حين  سمعتُ أول مرة   أنه سرق دراجة نارية .

حاولت أن أقول شيئا ، لكنني فقدت كل الكلماتِ التي كانت في الطريق إلى فمي  .. اختفتْ فجأة من دماغي و سيستغرق الأمر طويلا لأعثر عليها من جديد.

بقلم

أسيف أسيف // المغرب //

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بنت من بلدي💥💥💥منى فتحي حامد

 بنت من بلدي منى فتحي حامد/ مصر أيامنا الحلوة  أيام اللمه أيام خير صدق وكلمة حلوة أب وأم  كيان أسرة لا في طمع أو جشع حقد أوحسد  لا أنانية من...